Wednesday, June 28, 2017

هل تستحق الشريحة الثانية لصندوق النقد الدولي كل هذه التنازلات؟



أكثر من موعد للشريحة الثانية كان آخرها النصف الثاني من يونيو، والشهر قارب على الانتهاء دون وصولها رغم التزام مصر بكافة طلبات صندوق النقد الدولي.

ومنتصف مايو الماضي، قال وزير المالية، عمرو الجارحي، إن الشريحة الثانية من قرضصندوق النقد الدولي بقيمة 1.255 مليار دولار ستصل خلال أسبوعين أو ثلاثة.

وعزا «الجارحي» تأخر الشريحة الثانية إلى «مجرد إجراءات تتم في الصندوق واجتماعات  مجلس الإدارة فقط لا غير، ولا توجد عوائق أخرى».

هل تستحق كل هذا الضجيج ؟
أسامة غيث، الخبير الاقتصادي، قال إن قرض صندوق النقد الدولي كاملًا لا يستحق كل هذا الضجيج، مشيرًا إلى أن مصر تحتاج شهريًا لأكثر مما اتفقت عليه مع صندوق النقد الدولي، والذي يصل لأكثر من 25 مليار دولار.

ووقعت الحكومة المصرية مع صندوق النقد اتفاقا أوليا في أغسطس 2016 للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات وعلى ست دفعات.

وذكر صندوق النقد الدولي في بيان له إن موافقته جاءت «لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته السلطات المصرية»، وقال البيان إن البرنامج المصري يهدف إلى «وضع عجز الموازنة والدين العام على مسار تنازلي وإعطاء دفعة للنمو مع توفير الحماية لمحدودي الدخل».

وأصدر الصندوق موافقته النهائية على القرض في نوفمبر 2016 بعد أيام من تحرير سعر الصرف في مصر، وصرف الدفعة الأولى في ذلك الوقت.

وقال «غيث» في تصريحات خاصة لـ«مصر العربية»، الضجيج الذي يجب أن يُثار الآن هو هل الحكومة المصرية التزمت باتفاقها مع صندوق النقد الدولي أم لا ؟

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن مصر التزمت بالفعل بكل تعهداتها مع الصندوق، وهو اتفاق قاسٍ أدى لارتفاع الأسعار بشكل كبير وادخل مصر في مرحلة الركود التضخمي وهو أسوأ أنواع التضخم.

و«الرُّكود التضخُّميّ» هو حالة نمو اقتصادي ضعيف وبطالة عالية، أي ركود اقتصادي، يرافقه تضخم، تحدث هذه الحالة عندما لا يكون هناك نمو في الاقتصاد، ولكن يكون هناك ارتفاع في الأسعار.

وأوضح «غيث» أن الأرقام التي تحدثت عنها الحكومة الفترة السابقة عن وجود نمو اقتصادي، غير مجدية؛ لأن الأرقام ضعيفة جدًا ولا ترقى للإجراءات التي اتخذتها الحكومة من أجل الوصول لمعدلات نمو كبيرة.

وأنهى الخبير الاقتصادي، تصريحاته لـ«مصر العربية» قائلًا: «لا أعتقد أن تصريحات وزير المالية صحيحة، لأن هناك بعض البنود التي لا نعلم عنها شيئًا وهي التي أخرت الشريحة الثانية التي كان من المفترض أن تُسلم في أبريل الماضي، وحتى معرفة هذه البنود سنرى إن  كان كلام الوزير صحيحًا أم لا».

وكانت بعثة من صندوق النقد الدولي انتهت في 11 مايو من المراجعة الأولى لبرنامجالإصلاح الاقتصادي المصري قبل إتاحة شريحة قدرها 1.255 مليار دولار من القرض البالغة قيمته الإجمالية 122 مليار دولار.

الاتفاق مع صندوق النقد
يُشار إلى أنه في 12 نوفمبر الماضي، تسلم البنك المركزي المصري 2.75 مليار دولار منصندوق النقد الدولي، -الدفعة الأولى- وقال محافظ البنك المركزي طارق عامر، في تصريح  لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية، إن هذه الدفعة ستسهم في رفع احتياطي البنك من العملة الأجنبية إلى 23.5 مليار دولار.

وسيتم سداد القرض من قبل السلطات المصرية بعد فترة سماح تبلغ 4.5 سنة وهى فترة سماح أطول من التسهيلات الأخرى التى يتيحها صندوق النقد الدولي، وسيسدد القرض خلال 10 سنوات من تاريخ الاقتراض ومن خلال 12 دفعة سداد متساوية، وتبلغ رسوم الإقراض والخدمة والالتزام السنوية على هذا القرض نحو 1.55 إلى 1.65%.

قرض لسد عجز الموازنة
من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي، سرحان سليمان، أن الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي تستحق كل هذا الضجيج بالفعل، لأنه ولأول مره تخرج أموال من صندوق النقد الدولي من أجل سد عجز الموازنة في دولة ما.

وكان أحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية، قد أكد أن الشريحة الثانية من قرضصندوق النقد الدولي ستوجه لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة دون تحديد أوجه إنفاق محددة، بينما يستفيد البنك المركزي بالمقابل النقدي بالعملة الأجنبية لهذا التمويل لدعم رصيد الاحتياطي النقدي بالعملة الأجنبية لدى البنك المركزي.

وأشار إلى أن البرنامج الاقتصادي المتفق عليه مع الصندوق يستهدف تحقيق معدلات نمو اقتصادى تصل إلى نحو 5.5% بحلول عام 2018/2019، وبما يسمح بخفض معدلات البطالة، وذلك من خلال تطبيق عدد من الإصلاحات الهيكلية التى تسمح بتحسين مناخ الإستثمار، مع خفض عجز الموازنة الأولى (بعد استبعاد الفوائد) من معدل 3.4% من الناتج المحلى عام 2015/2016 ليتحول إلى فائض بدءا من عام 2017/2018.

وكذلك خفض حجم الدين الحكومي والذي يقترب من حجم الناتج المحلي حاليا ليصل إلى نحو 90% من الناتج المحلي عام 2018/2019، وبحيث تسمح هذه التطورات، بالإضافة إلى السياسة النقدية المتبعة في تحقيق استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي وخفض معدلاتالتضخم إلى أقل من 10% بحلول عام 2018/20199.

وقال «سليمان» في تصريحات لـ«مصر العربية» إن الحكومة المصرية أثبتت أنها لم تفاوضصندوق النقد الدولي على أي شروط لصالح الشعب، بل أنها وافقت دون أدنى مناقشة منها،  ووصول الدفعات بهذه السرعة -وإن كانت تتأخر قليلًا- دليل على أن مصر في المسار الذي رسمه صندوق النقد الدولي.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن جزءا كبيرا من الشريحة الثانية سيوّجه لاستيراد السلع  الغذائية وما تحتاجه مصر من سد العجز في بعض المواد الأساسية كالقمح والذرة، مشيرًا إلى أن مصر في حاجة ملحة لاستيراد هذه السلع.

أبرز الإجراءات
ومن أجل سرعة الحصول على الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي، رفع البنك المركزي المصري نهاية مايو الماضي، سعر الفائدة بنسبة 2% لتصل إلى 16.755% على الودائع لأجل ليلة واحدة و17.75% للإقراض، وذلك في أكبر زيادة منذ رفع الفائدة بنسبة 33% دفعة واحدة في نفس اليوم الذي قرر فيه تعويم الجنيه (تحرير سعر الصرف) في الثالث من نوفمبر 2016.

وجاءت زيادة أسعار الفائدة، بعد مطالبة صندوق النقد الدولي باتباع هذه الخطوة لخفض معدل التضخم، الذي قفز لأكثر من 30% على أساس سنوي بعد تحرير سعر الصرف وخفض الدعم بناء على مطالب الصندوق.

وشهدت معدلات تضخم أسعار المستهلكين ارتفاعاً غير مسبوق، مسجلة وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي، 32.9% بنهاية إبريل الماضي، وهي النسبة الأعلى في عشرات السنوات.

وسبق أن طبقت الحكومة خلال الأشهر الماضية، إجراءات وصفها خبراء بالمؤلمة للفقراء ومحدودي الدخل، منها تقليص دعم الوقود والكهرباء وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، بجانب تحرير سعر الصرف، وذلك في إطار الاستجابة لشروط صندوق النقد.

No comments:

Post a Comment